تعيش مرسيدس.. تعيش





مكتوب علي كل مصري - خصوصاً إذا كان مواطناً عادياً، لا حول له ولا قوة - أن يظل طول الوقت، يقارن بين حالته، وأحوال الآخرين، فيزداد حزناً علي سوء حظه، وإهدار كرامته، في كل لحظة!.. فقيمة الإنسان - أي إنسان - علي أرض بلاده، تُقاس دائماً بالأفعال، وليس بالخُطب والشعارات الفارغة من أي مضمون!.. كما أن وزن الإنسان، باعتباره إنساناً فقط لا أكثر ولا أقل، يظل متوقفاً علي ما إذا كانت ممارسات بلده، تنصفه، وتقف في صفه، وتدافع عنه، أم أنها تُهينه، وتصفعه علي وجهه وقفاه علي الدوام!!
مثلاً.. قررت شركة مرسيدس الألمانية، هذا الأسبوع، سحب ١٣٠ ألف سيارة من الأسواق، علي وجه السرعة، لأنها اكتشفت أن هناك خطأ مُحتملاً في جهاز تشغيل مساحات الزجاج في السيارة!! وقالت الشركة، فيما صدر عنها من معلومات حتي الآن، إن السحب سوف ينطبق علي السيارات التي جري إنتاجها من مايو ٢٠٠٥، إلي مايو ٢٠٠٦، وتحديداً علي موديلات أو طراز «إيه، وبي، وسي كلاس»، وإن هذا سوف يجري، حفاظاً علي حياة الإنسان أولاً ثم حفاظاً علي سمعة الشركة ثانياً!!
في الأسبوع نفسه، كانت الأسواق المصرية، تمتلئ بأكياس الدم الملوثة، التي تقتل الإنسان، وتسبب له أخطر الأمراض، ولكن أحداً لم يفكر في سحب الأكياس من السوق، لا من الشركة المنتجة ولا من غيرها، بل إنه مع مرور الوقت، كانت المأساة تتكشف أكثر وأكثر، وكانت الأنباء التي تكشف عنها المهزلة، أولاً بأول، تشير إلي أن الأكياس الملوثة، تنتشر في الأسواق، علي طول البلد وعرضه، كأنها عدوي!!.. وكانت الحكاية تكبر، وتكبر، كأنها كرة من الثلج، كلما تدحرجت، ازدادت ضخامة وحجماً!!.. وكان البرلمان، يتمخض - بعد بداية الفضيحة بأكثر من أسبوع من الرعب بين الناس - عن سماح للنائب المتهم في الموضوع، بسماع أقواله، فالأمر في نظر مجلس الشعب، ليس خطيراً وإلا فماذا في قتل مائة، أو مائتين، أو حتي ألف من البشر بالأكياس الملوثة عن قصد وعن عمد؟!.. ماذا في ذلك؟! إن عندنا من البشر وفرة وزيادة!!.. ومقتل مليون بني آدم، لن يؤثر فينا، ولا يعنينا!!
ومع ذلك، فالمسألة ليست في مجرد السماح للرجل بسماع أقواله، أو حتي رفع الحصانة عنه.. فالمهم هو أن يأخذ التحقيق مجراه الحقيقي، دون تدخل من أحد، أياً كان منصبه.. وإما أن يكون المتهم بريئاً، فيعود إلي مجلس الشعب، كما خرج منه لتستمع النيابة إلي أقواله،.. أو يكون مُداناً، فيقع عليه العقاب الذي يقره القانون.
بالطبع.. ليس المرء في حاجة، إلي الإشارة إلي أن شركة مرسيدس، فعلت ما فعلته من تلقاء نفسها، وطواعية، ولم تكن، فيما أقدمت عليه، تستجيب لضغوط من الصحافة، أو من غيرها.. ولكنها كانت تتحرك حرصاً علي حياة أي إنسان، سوف يستخدم منتجاتها، وكانت حركتها بضغط من ضمير القائمين عليها وحده.. وليس بضغط من الدولة، ولا من البرلمان، ولا من النواب، ولا من أي جهة.. كما أن الخطر الذي تحركت الشركة، لمنع وقوعه، كان محتملاً.. ولم يكن مؤكداً بأكياس الدم الملوثة!!
هذا هو الفارق الوحيد، الذي يجعلهم فوق القمة التي يستقرون عليها.. ويجعلنا في المنحدر، الذي نتخبط فيه


من جريدة المصري اليوم

هناك ٤ تعليقات:

karakib يقول...

عيش مرسيدس تعيش :) ليك حق

Racha Khoury يقول...

الانسان ملوش قيمة ابدا هنا والله ملوش قيمة مات ولا عاش كله واحد عندهم

والله حرام الي بيحصل
وطبعا مرسيدس بالاول والاخر بتخاف على اسمها وسمعتها

وفي ناس مش بتخاف ربنا وماتت حاجه جواها كان اسمها الضمير

بس على العموم عجبتني المقارنة
يا ماك

واحد من الناس يقول...

انت بتقول الكلام ده عشان مش فاهم
البلد قلبها علينا و الحكومه بتحبنا
الحكومه عشان توفر فرص عمل ومساكن و توفر خدمات طبيه وتنعش الأقتصاد لازم الشعب يخلي عنده دم و يحدد النسل
وشوف بقى رحمة الحكومه مش عايزه الشعب كمان يتعب نفسه في حكاية تحديد النسل دي
بقت كل مده تموت شويه من الشعب و في الغالب الي بيموتوا هما الناس الغلابا الي ملهمش صوت
والي هما دايما بيحقدوا على طبقة الأغنيه المكافحيييييين والعصاميييين
شفت بلدنا حلوه ازاي
كتنا ستين وكسه

الأميره أوسه يقول...

طيب ممكن مرسيدس تيجى تحكم البلد
على الأقل يرحمونا من شيوخ القبيله
نفسنا نعيش كويس بقا
أتصرف يا ماك